بدأ سكان منطقة ما وراء النهر في الالتزام بأركان الإسلام وفرائضه، بما فيها الشهادة والصلاة والصيام والزكاة والحج، بعد انتشار الإسلام في هذه الديار. وتعتبر أوزبكستان خاصةً وما وراء النهر عامةً إحدى المناطق الأكثر قيظًا في المعمورة؛ حيث تصل درجة الحرارة في فصل الصيف إلى أربعين درجةً وأكثر.
والمعروف أن شهر رمضان المُبارَك يصادف فصل الصيف في بعض الأحيان طبقًا للتقويم الهجري، لكنَّ مسلمي أوزبكستان لا يمتنعون عن الصيام.
ومن المعروف للجميع أن روسيا استولت على ما وراء النهر في نهاية القرن(19)، لكنها لم تكافح الدين وأداء طقوسه بشدة؛ حيث ظلت المساجد والمدارس والهيئات الدينية الأخرى كما كانت بسبب صمود أهالي هذه البلاد في وجه القيصرية.
لكن ثورة أكتوبر الشيوعية قد شنَّت حملةً شعواء مُضادَّة للدين؛ فأغلقت المساجد والمدارس وفرضت الحظر على أداء الصلاة والصوم والحج، وأغلقت مباني الهيئات الدينية وحولت بعضها إلى مستودعات أو معامل أو مدارس عادية أو مساكن، وما كان يصوم سوى الشيوخ وبعض الرجال والنساء غير العاملات وجزء من عامة الناس.
وأرغموا الطلاب في المدارس على الأكل والشرب في أوقات الصيام، وكافحت إدارة المؤسسات هؤلاء الذين صاموا؛ حيث كانت تعزلهم عن مناصبهم وتُمارِس ضدهم مختلف أنواع العقاب الإداري.
فكان البعض يصوم سرًّا دون الظهور أمام أعين الإدارة الشيوعية المُلحِدة، التي بعثت بدُعَاتها المُلحِدين إلى الجامعات والمدارس والأحياء السكنية والمزارع التعاونية والحكومية من أجل إلقاء محاضرات عن أضرار الصيام الجسدية.
أما زعماء الجهاز الإداري الحزبي وموظفو الهيئات الحكومية في أوزبكستان؛ فلا يصومون بل اعتبروا الصيام عيبًا. ومع ذلك، وبغض النظر عن تلك الظروف القاسية، ظل بعض المؤمنين يؤدون فريضة الصيام دون أدنى خوف من العقاب، وكان الناس يصلون صلاة التراويح في بعض المنازل الخاصة.
ومنذ أربعة أعوام صار المسلمون يتمتعون بحرية أداء الطقوس الدينية والحمد لله، وأُعِيد فتح كافة المساجد والمدارس التي قام المسلمون بترميمها بسرعة وأنشئوا المزيد منها.
وتقيم عائلات المسلمين في أوزبكستان حفلات إفطار جماعية خلال شهر رمضان المُبارَك، وتدعو الجيران والأقارب والأصدقاء لحضورها، ويصل عدد المدعوين إلى مائة شخص في بعض الأحيان.
ويُقَام حفل الإفطار في جو بهيج، ويُذبَح خروف وتُخبَز أرغفة كبيرة في التنورة مع الزيت والحليب، ويُفرَش "دستارخان" " سفرة" وعليها مُختلَف أنواع الشاي الأسود والأخضر، كما يطبخون شربة… إلخ، ويدعون طهاةً مُتخصِّصين لتحضير الحفل. وبعد الإفطار يُرتِّل أحد الضيوف ما تيسر له من الآيات القرآنية ويدعو لصاحب البيت بالبركة؛ فينصرف الضيوف ويتجه بعضهم إلى المسجد لأداء التراويح. وفي بعض الأحيان يُنظَّم حفل إفطار خاص بالنساء.
ويعيش مسلمو أوزبكستان أزهى عصورهم حاليًّا. ولا شك في أن شعب أوزبكستان سوف يفرز تدينه وسوف يلتزم التزامًا أرسخ بأركان الإسلام بما فيها الصيام.